عــلاقــة الأنــا بـالـغـيـر[/
color]
color]
لا شك أن علاقة الأنا بالغير أغنى و أعقد من أن تختزل إلى علاقة معرفة. فهي في الواقع الفعلي علاقة مركبة تختلف و تتنوع تبعا لأوجه الغير كما يتجلى ذلك في الكلمات التي تنضوي تحت لواء العلاقة بالآخر، مثل : الصداقة ، الغرابة ، الصراع ، الإيثار ، الاشتراك ....
من هنا تنبثق الإشكالية الفلسفية لعلاقة الأنا بالغير، و هي إشكالية يمكن صياغتها من خلال الأسئلة التالية: ما طبيعة العلاقة التي تربطني بالغير ؟ هل هي علاقة محبة و احترام،أم علاقة نبذ و إقصاء ؟ و ما هي الشروط التي يمكن أن تجعل هذا النوع من العلاقة ممكنا ؟ و علي أي أساس تنبني هذه العلاقة ؟
يعتبر أرسطو ( 384 – 322 ق.م) أن ماهية العلاقة التي تربط الإنسان بالآخرين هي الصداقة على اعتبار أن هذه الأخيرة " ضرب من الفضيلة أو على الأقل إنها دائما محفوفة بالفضيلة " . و علاوة على أن الصداقة جميلة و شريفة فهي إحدى الحاجات الضرورية للحياة ، إذ لا أحد يقبل أن يعيش بدون أصدقاء.
و يذهب الفيلسوف إلى القول :" بأن الصداقة هي رابطة الممالك و أن المشرعين يشتغلون بها أكثر من اشتغالهم بالعدل نفسه " ، و نفهم من هذه القولة أن تحقيق الانسجام و التوافق داخل المجتمع شبيه بالصداقة. بل إن قيام الصداقة الحقة ( صداقة الفضيلة ) بين الناس تجعلهم في غنى عن العدالة و القوانين .
أما ايمانويل كانط ( 1724 – 1804 ) فيعرف الصداقة بالقول :" الصداقة في صورتها المثلى هي اتحاد بين شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب و الاحترام " . بهذا المعنى تكون الصداقة عبارة عن مثال للتعاطف و التواصل بين الأنا و الغير ، إلا أن قبو ل هذا المثال لا يضمن سعادة الإنسان ، و إنما يؤهله للبحث عن السعادة ما دامت الصداقة تمثل واجبا عقليا يجب الخضوع له بكل احترام .
و غاية الصداقة في نهاية المطاف هي تحقيق خير الصديقين اللذين جمعت بينهما إرادة أخلاقية طيبة بشرط أن تقوم هذه الصداقة على أساس أخلاقي خالص . لكن ،هل بإمكان قيام المجتمع على الصداقة في وجود الغير البعيد أو الغريب ؟
غالبا ما تلجأ الجماعة إلى تدمير الغريب عنها ، أو إلى إقصائه و تهميشه كونه يهدد تماسكها و وحدتها، ومن هنا كانت ضرورة القضاء عليه لاستعادة توازنها و استقرارها .
ب
د أن وحدة الجماعة في نظر جوليا كريستيفا ( 1941 - ...) ليست في الحقيقة سوى مظهر عام ، عندما ندقق فيها ينكشف لنا أن الجماعة بحكم اختلافاتها و تناقضاتها الداخلية تحمل غريبا في ذاتها ، و بالتالي ليس المختلف عنا " هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة كلها... و لا ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة " . إن الغريب على حد تعبير جوليا كريستيفا " يسكننا على نحو غريب ".إذا كان الأمر كذلك فما هو الموقف الطبيعي الذي ينبغي أن يتخذ من الغير البعيد ؟
يرى الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلوبونتي أن الموقف الطبيعي الذي ينبغي أن يتخذ من الآخر المخالف للذات ليس هو موقف النبذ و الإقصاء بل مد جسور التواصل معه و عدم اعتباره موضوعا قابلا للإقصاء و التشيئ ، و فتح قنوات الحوار مع الغير لا يتم إلا إذا خرج كل من الأنا و الأنا الآخر من طبيعته المفكرة، و جعل نظرتا بعضهما للبعض نظرة إنسانية أساسها القبول و تفهم أفعال بعضهما البعض .
و يذهب مؤسس الفلسفة الوضعية أوغست كونط ( 1798- 1857 ) إلى اختزال كل الأخلاق الإنسانية في فكرة واحدة هي أن يحيا الإنسان من أجل غيره ، لأن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية ، انطلاقا من دوافع التعاطف الإنساني التي تجعل كل فرد من أفراد المجتمع يتلقى مساعدة من طرف الآخرين ، مقابل كبح ميولاته الشخصية و الأنانية . و الغاية التي تنشدها الفلسفة الوضعية هي تهذيب الغريزة البشرية الكونية و تسييجها .
أما مارتن هايدجر فينظر إلى علاقة الأنا بالغير باعتبارها علاقة اشتراك بين الذوات ، لأن العالم الذي أوجد فيه هو دائما العالم الذي أتقاسمه مع الآخرين .فالآخرين هم بالأحرى الكائنات التي لا تتميز عن ذواتنا و نكون موجودين بينها. و هذا الاشتراك يدل على وضعية الإنسان في العالم من خلال تجربته في الحياة ، و من خلال علاقته بالكائنات البشرية الأخرى .
ضدا على المواقف السابقة يقدم ألكسندر كوجيف ( 1902 – 1968 ) موقف هيجل من علاقة الذات بالآخر و التي تقوم في نظره على الصراع من أجل نيل الاعتراف و فرض الهيمنة .بحيث يخاطر الطرفان في هذا الصراع بحياتهما حتى الموت ، و لكن الموت الفعلي لا يحقق هذا الاعتراف و إنما يحقق استسلام أحد الطرفين بتفضيله الحياة على الموت. فيعترف للأنا بالآخر دون أن يعترف الآخر به ، أي الاعتراف بالآخر كسيد و الاعتراف بالذات كعبد لذلك السيد . و من هنا نشأت العلاقة الإنسانية الأولى،علاقة السيد بالعبد .
و بالجملة ، كيف ما كانت علاقة الأنا بالغير ( صداقة،غرابة،إيثار،تواصل،اشتراك بين الذوات،صراع...) فهي تراهن على ما هو أبعد و أشمل في الإنسان ، إنها تراهن على وجوده الإنساني الكوني الذي يتحول فيه البعيد إلى قريب .
[/size]من هنا تنبثق الإشكالية الفلسفية لعلاقة الأنا بالغير، و هي إشكالية يمكن صياغتها من خلال الأسئلة التالية: ما طبيعة العلاقة التي تربطني بالغير ؟ هل هي علاقة محبة و احترام،أم علاقة نبذ و إقصاء ؟ و ما هي الشروط التي يمكن أن تجعل هذا النوع من العلاقة ممكنا ؟ و علي أي أساس تنبني هذه العلاقة ؟
يعتبر أرسطو ( 384 – 322 ق.م) أن ماهية العلاقة التي تربط الإنسان بالآخرين هي الصداقة على اعتبار أن هذه الأخيرة " ضرب من الفضيلة أو على الأقل إنها دائما محفوفة بالفضيلة " . و علاوة على أن الصداقة جميلة و شريفة فهي إحدى الحاجات الضرورية للحياة ، إذ لا أحد يقبل أن يعيش بدون أصدقاء.
و يذهب الفيلسوف إلى القول :" بأن الصداقة هي رابطة الممالك و أن المشرعين يشتغلون بها أكثر من اشتغالهم بالعدل نفسه " ، و نفهم من هذه القولة أن تحقيق الانسجام و التوافق داخل المجتمع شبيه بالصداقة. بل إن قيام الصداقة الحقة ( صداقة الفضيلة ) بين الناس تجعلهم في غنى عن العدالة و القوانين .
أما ايمانويل كانط ( 1724 – 1804 ) فيعرف الصداقة بالقول :" الصداقة في صورتها المثلى هي اتحاد بين شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب و الاحترام " . بهذا المعنى تكون الصداقة عبارة عن مثال للتعاطف و التواصل بين الأنا و الغير ، إلا أن قبو ل هذا المثال لا يضمن سعادة الإنسان ، و إنما يؤهله للبحث عن السعادة ما دامت الصداقة تمثل واجبا عقليا يجب الخضوع له بكل احترام .
و غاية الصداقة في نهاية المطاف هي تحقيق خير الصديقين اللذين جمعت بينهما إرادة أخلاقية طيبة بشرط أن تقوم هذه الصداقة على أساس أخلاقي خالص . لكن ،هل بإمكان قيام المجتمع على الصداقة في وجود الغير البعيد أو الغريب ؟
غالبا ما تلجأ الجماعة إلى تدمير الغريب عنها ، أو إلى إقصائه و تهميشه كونه يهدد تماسكها و وحدتها، ومن هنا كانت ضرورة القضاء عليه لاستعادة توازنها و استقرارها .
ب
د أن وحدة الجماعة في نظر جوليا كريستيفا ( 1941 - ...) ليست في الحقيقة سوى مظهر عام ، عندما ندقق فيها ينكشف لنا أن الجماعة بحكم اختلافاتها و تناقضاتها الداخلية تحمل غريبا في ذاتها ، و بالتالي ليس المختلف عنا " هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة كلها... و لا ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة " . إن الغريب على حد تعبير جوليا كريستيفا " يسكننا على نحو غريب ".إذا كان الأمر كذلك فما هو الموقف الطبيعي الذي ينبغي أن يتخذ من الغير البعيد ؟
يرى الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلوبونتي أن الموقف الطبيعي الذي ينبغي أن يتخذ من الآخر المخالف للذات ليس هو موقف النبذ و الإقصاء بل مد جسور التواصل معه و عدم اعتباره موضوعا قابلا للإقصاء و التشيئ ، و فتح قنوات الحوار مع الغير لا يتم إلا إذا خرج كل من الأنا و الأنا الآخر من طبيعته المفكرة، و جعل نظرتا بعضهما للبعض نظرة إنسانية أساسها القبول و تفهم أفعال بعضهما البعض .
و يذهب مؤسس الفلسفة الوضعية أوغست كونط ( 1798- 1857 ) إلى اختزال كل الأخلاق الإنسانية في فكرة واحدة هي أن يحيا الإنسان من أجل غيره ، لأن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية ، انطلاقا من دوافع التعاطف الإنساني التي تجعل كل فرد من أفراد المجتمع يتلقى مساعدة من طرف الآخرين ، مقابل كبح ميولاته الشخصية و الأنانية . و الغاية التي تنشدها الفلسفة الوضعية هي تهذيب الغريزة البشرية الكونية و تسييجها .
أما مارتن هايدجر فينظر إلى علاقة الأنا بالغير باعتبارها علاقة اشتراك بين الذوات ، لأن العالم الذي أوجد فيه هو دائما العالم الذي أتقاسمه مع الآخرين .فالآخرين هم بالأحرى الكائنات التي لا تتميز عن ذواتنا و نكون موجودين بينها. و هذا الاشتراك يدل على وضعية الإنسان في العالم من خلال تجربته في الحياة ، و من خلال علاقته بالكائنات البشرية الأخرى .
ضدا على المواقف السابقة يقدم ألكسندر كوجيف ( 1902 – 1968 ) موقف هيجل من علاقة الذات بالآخر و التي تقوم في نظره على الصراع من أجل نيل الاعتراف و فرض الهيمنة .بحيث يخاطر الطرفان في هذا الصراع بحياتهما حتى الموت ، و لكن الموت الفعلي لا يحقق هذا الاعتراف و إنما يحقق استسلام أحد الطرفين بتفضيله الحياة على الموت. فيعترف للأنا بالآخر دون أن يعترف الآخر به ، أي الاعتراف بالآخر كسيد و الاعتراف بالذات كعبد لذلك السيد . و من هنا نشأت العلاقة الإنسانية الأولى،علاقة السيد بالعبد .
و بالجملة ، كيف ما كانت علاقة الأنا بالغير ( صداقة،غرابة،إيثار،تواصل،اشتراك بين الذوات،صراع...) فهي تراهن على ما هو أبعد و أشمل في الإنسان ، إنها تراهن على وجوده الإنساني الكوني الذي يتحول فيه البعيد إلى قريب .
السبت يونيو 22, 2013 3:08 pm من طرف محمد
» متن الاصول الثلاثة للامام المجدد محمد ابن عبد الوهاب التميمي (3)
السبت يونيو 22, 2013 3:06 pm من طرف محمد
» متن الاصول الثلاثة للامام المجدد محمد ابن عبد الوهاب التميمي (2)
السبت يونيو 22, 2013 3:02 pm من طرف محمد
» متن الاصول الثلاثة للامام المجدد محمد ابن عبد الوهاب التميمي
السبت يونيو 22, 2013 2:58 pm من طرف محمد
» نكت تقتل بالضحك............
الأربعاء يوليو 04, 2012 3:25 am من طرف الحمد لله
» 50 نكتة تقتل ضحك هههههههه
الأحد مايو 06, 2012 11:37 am من طرف الحمد لله
» صلاة الحاجة ...... تفريج الكرب
الأحد مايو 06, 2012 11:21 am من طرف راجية الفردوس الاعلى
» أدعية وآيات لتفريج الهم والكرب
الثلاثاء أبريل 03, 2012 4:31 pm من طرف جهاد السرحان
» دوران الأرض
السبت مارس 31, 2012 6:24 am من طرف جهاد السرحان